فقدان الأم بقلم المبدعة ✒️ منال خرشي

 فقدان الأم 


جلست على شرفة نافذتي لأنفس قليلا عن نفسي و أرى كل من يعبر ، فجأة رأيت فتى صغير إبن جيران مع والده فسمعته يكلم أبيه، أبي خذني إلى المقبرة فإنشق قلبي لكلامه هذا، فرد عليه أبوه بصوت خشن يدل على أنه غاضب وماذا ستفعل في هذا الوقت في المقبرة، فحز في نفسي كثيرا مما جعلني أقرر أن أتكلم وأقل له خذه إلى قبرها أنت لا تعلم مقدار فقده لأمه وشوقه لحضنها طفل صغير بعمر الخمس سنوات أيستطيع التحمل أيفهم أن الوقت غير مناسب للذهاب، هو يفهم فقط أنه إشتاق لأمه وذاهب لرؤيتها وإحساسه بأنها موجودة في مكان ما يستطيع أن يجدها فيه، ويكلمها ويخبرها بكل ما يحدث معه من فرح وحزن سيخبرها كل شيء، أنت لا تعلم أن يفقد من كان يعنقه ويحتضنه ويطعمه ويتفقد كل صغيرة وكبيرة فيه الأن هو وحيد برغم من وجودك أنت ترى كل ما هو خارجي، بأنه فتى نظيف أاكل وشارب و نائم غير ذلك لا تعرف،أو أنك تخفي ذلك، أتعلم أنه كان طعامه المفضل أو أنه شبع حقا، الأم ترى ما لا تراه أنت، ترى كل ما يحتاجه صغيرها بين الحين والأخر، فهي تفهم نغمات صوته منذ أن كان طفل يبكي وفقط تحس على جوعه من مرضه، الأم العين الوحيدة الفاضحة لما نخفيه، تقرأ أفكارنا و ملامح تعابير وجوهنا، قلبي كاد أن يقف تمنيت أن أكون له حضنا لثواني وأعبر له في مكان أمه لقد أثار في قلبي حزنا كبيراا، فهي صعبة على شخص كبير واع أتظنها سهلة عليه أن ينام لوحده ومكانها بجانبه، أن يستيقظ من نومه ويناديها ولا يجدها أن يجوع ويخبرها بأنه جائع ولا يجدها، برغم من وجود الجميع معه ولكنه يفتقد رائحة أمه وأنفاسها وحضنها الدافئ، يحن آلى مكانه في قلبها، إعتاد على شيء و نام وإستيقظ على شيء أخر صادم له، لو لم أسمعه بأذناي لما صدقت، تأكدت أن نيران شوقه لها قد إلتهبت داخله ويريد ذهاب ليطفئ نيران شوقه ويطمئن أنها موجودة ولم تبتعد كثيرا أردت أن أقفز وأنط من على النافذة وأمسك بيده وأخذه حيث قبرها، إذ أقنعه أباه أن الوقت غير مناسب يوم أخر سيأخذه، لقد جن جنوني عليه، فقررت أن أذهب إلى بيتهم، بيت جده وأخبرهم أن نذهب ونزور المقبرة يوم غد الجمعة وأقنعتهم وحرصت على ذهاب الفتى معنا وعدت إلى بيتي وسردت إلى أمي ما وقع وقبلتها وإحتضنتني وقلت لها أنا لا أتمنى أن أفارقك قبل أن تفارقينني أماه فقالت لي عش مع من تشاء فأنت مفارقه، ما تعني بذلك أماه أعني أننا لا ندري من سيفارق هذه الحياة أولا خلقنا وسنموت هذه سنة الحياة بنيتي يجب أن تقنعي نفسك بهذا وأقنعي غيرك به،حاضر أماه فجلست مرتاحة البال هنيئة الفكر أنني وجدت طريقة لأأخذ الفتى إلى قبر أمه وأخفف عنه وأستدعيه إلى بيتنا كل يوم لأطمئنه وأقنعه بالحقيقة المرة التي لا مفر منها وهي الموت، فإستيقظت مبكرا صليت ودعيت لكل يتيم فاقد لوالده أن يسكن قلبه ويطمئن، وذهبت لبيت جده فقرعت لباب فكانوا بإنتظاري والفتى معهم فهممت إليه مسرعة مسكته من يده وقبلته أحسست أنني أمه، سنذهب يا صغيري كل يوم لا تقلق وإن لم نذهب سنصلي لها ونقابلها في البيت، وصلنا إلى باب المقبرة فأفلت يدي مسرعا متجها إلى قبرها أحرق قلبي مجددا أنه كان ينتظر وقت الإنطلاق فقط لم يكن ينتظر شيئا أخر سوى ذهابه لقبر أمه ملاذ قلبه وروحه، وصل عند قبر أمه ووسقط باكيا صارخاا أمي خوذني معك لماذا تركتني وذهبتي لماذا لم ترجعي للبيت، لقد قلتي لي أنني لن أتركك محتظنا قبرها ودموعه تسيل، فقبلته وإحتظنته وأخذت أهدأه بأنها لم تذهب هي موجودة هنا وتراه وتسمعه فصمت قليلا وقال لي أستحضرينني حقا إلى هنا كل يوم، نعم صغيري هذا وعد مني ولكن بشرط أن تعدني أنت بأن تزورني في بيتي أنا ووأمي كل يوم فرد مبتسما نعم موافق سأزوركم كل يوم لن أنسى ذلك، ورجعنا بعد مشوارنا ذلك نحو البيت ودعته وأخبرته أن أمه تراه ففرح وإبتسم ثانية ورد سأتي صباحا باكرا إلى بيتكم عمتي زهرة، نعم حسنا بني أو تعرف إسمي أيضا أنت فتى ذكي حقا،دخلت إلى البيت وقررت أن أعوضه عن حنان أمه فأخبرت أمي بأن تساعديني بذلك فوافقت أمي على ذلك وفرحت كثيرا، فقمت بتحضير كعك لفطور الصباح وقامت أمي بخياطة معطف شتوي له و إشتريت بعض الألعاب وصففتها في غرفة من بيتنا كانت فارغة، لقد خصصنها أنا وأمي له نحن نعلم ما يحتاجه طفل في سنه فاقد لأمه يحتاج دفئ والحب والحنان ومحادثته عن كل أحلامه بعد ما أكملنا كل ما حضرناه من أجله ذهبنا للنوم منتظرين طلوع الصباح لرؤية الفتى شاهين كان إسمه جميل جداا، فإستيقظت على صوته فتحت له أمي الباب فأخبرها أين عمتي زهرة أخبريها أنني أتيت، فوقفت من فراشي أجري لرؤيته أنظرو من أتانا البطل شاهين أهلا بك عزيزي في بيتي الصغير أيها البطل ففرح كثيرا وجلس يحادثنا بكل ما جرى له، كان فتى جميل حقا أخذنا أنا وأمي نطعمه ونحادثه إلى أن حل المساء ولم يعيد لي فكرة أنه يريد ذهاب إلى قبر أمه لقد نسي حقا أنني وعدته بذهاب إلى المقبرة ففكرته بذلك لأفي بوعدي له قلت له سنذهب ثلثتنا اليوم لنزهة يا بطل ففرح وقفز أحقا عمتي زهرة نعم عزيزي فخرجنا ماسكين بيديه إشتريت له كل ما يحبه، وحان وقت ذهابنا للمقبرة ذهبنا وأخذ يدعوا لأمه ويخبرها عن ما فعله اليوم في بيتنا وأنه جد مسرور اليوم فودعها ورجعنا إلى البيت وهو على غير حالته في المرة الفارطة لاحظت أنه بدأ يتحسن قليلا فأخذته إلى بيت جده وأوصيته بالمجيئ في اليوم المقبل فوافق وودعني ودخل ورجعت إلى بيتي وأنا جد مسرورة، أتى في اليوم المقبل على موعده فقبلته ولعبنا معه أنا وأمي وفعلنا له كل ما يحبه، لقد كان محتاجا لحب ورعاية وإهتمام ينسيه في فقده لأمه لم يكن يكن يحتاج نقودا أو جاه يحتاج إلى إهتمام فقط إلى شيء بلا مقابل هذا لم يكن لدى أبوه ولا عند بيت جده، فيوم بعد يوم تعود الطفل شاهين على بيتنا ونسي فكرة الذهاب يوميا إلى القبر لقد ملأنا أواقات فراغه التي تحسسه بفقدانها، فأنا فعلت ذلك لا لكي أعوده للذهاب كل يوم كانت غايتي بأن يزورني في بيتي لأعوضه وأنسيه في مرارة فقده لأمه واقنعه بفكرة العيش بدونها كان أمر صعب علي لأنه كان يتذكر كل موقف عاشه معها،


بقلم 🖋️ منال خرشي

الجزائر


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جحيم الزنزانة سبعة بقلم ✒️ المبدعة طالح هديل

سيرة ذاتية منتهى ابراهيم عطيات

حوار رفقة المبدعة 👑 شتيلة غفران