الأم بقلم المبدعة ✒️ لساق رحاب مروى
الأم
واقفة على رأس مملكتها الصغيرة تتحسس الخضر الطازجة و تنتقي أحسنها لتعد لرعيتها مالذ و طاب ، على يمينها تهيء مقلاة تلتهمها نار خفيفة و على يسارها عدة أنواع من التوابل أنا متأكدة بأنها ستطهي طبقًا آخر ألذ من كل طبق تذوقته سابقًا فكل مرة تفاجئني بمهارة جديدة ، لا أتعجب من هذا فإنها تمتلك إكسير الإبداع كل ما تلمسه يتحول إلى شيء جميل ، كنت أختلس النظر و أنا أفتح الباب على زاوية ضيقة و أتمعن في خصلات شعرها القصيرة تزينها بقطعة من القماش المزركش حرصًا على عدم تمرد و هروب أي شعرة إلى أطباق الأكل ، كانت تقف منتصبة القامة لا تترك شيء في المطبخ إلا و رتبته و حضرت ما يجب تحضيره حتى أوشكتُ على أن أتقبل بأنها رجل آلي و ليست بإنسان عادي ، فتحت الباب و دخلت سألتها : هل بإمكاني أن أساعدك في شيء ؟؟
أجابت : لا يا عزيزتي ألا يكفي تعب الدراسة و أنت مقبلة على شهادة ، إجلسي و إنتظريني إلى أن أنتهي من عملي يا وردتي ....
جلست على الكرسي و أن مبتسمة كبراءة طفلة تتدلل على أمها ، وضعنا الطعام اجتمعت الاسرة لم تكن الملكة ترغب بالنقاش و الحديث أثناء الأكل فهي على الدوام تلتزم بهذا الإتكية قائلتًا :
إلتزموا بآداب الطعام .
حين إنتهت رعيتي من الطعام أفقت من ذكريات الصبا التي عشتها مع أمي و حرصها على تدليلي و هي تقول : سيأتي دورك و تكوني في نفس مكاني يا إبنتي فإستمتعي بوقتك الآن ، و هاهو اليوم يا أمي يتحقق كل ما قلتيه لي فأنا اليوم سيدة في بيت زوجي و أمامي طفلين ، نهضتُ أرتب المطبخ و أغسل الأواني تائهتًا في ملامح أمي الحنونة التي لم تفارق ذاكراتي و خيالي و حتى و أنا في هذا العمر .
حقًا أمي كانت تستحق لقب الملكة و مسؤولية الأمومة فلقد تأكدت بعد معايشة التجربة أن مسؤولية الأمومة ليست بالأمر السهل ، حفظ اللَّه و رعى كل الأمهات و جعلهم نبراس من النور .
بقلم 🖋️ لساق رحاب مروى
الجزائر
تعليقات
إرسال تعليق